صندوق سبايدر - الجزء الرابع

أولاً : 

اليوم تبدو المصارف المركزية الأوروبية قد غيرت موقفها من حيازة السبائك لقد دأبت طوال أكثر من عشر سنوات على اتخاذ مركز البائع، فكانت تتخلص من نحو 400 طن سنويا. لقد توقفت تلك النزعة، وتحولت تلك المصارف إلى مركز المشتري.

 

وفي إطار الجهود الحثيثة التي بذلت لإقناع السلطات الرقابية الأوروبية حاولت ديمبستر ومجلس الذهب العالمي إثناء لجنة بازل المكونة من وزراء مالية دول مجموعة العشرين عن القرارات التي اتخذتها سابقا.

 

ثانياً : 

لقد درست اللجنة، في السابق، إدراج الذهب مصدرا للسيولة الوقائية، لكنها رفضت الفكرة أساسا . تقلبية سعر الذهب وفقا لما ذكره لي متحدث باسم الخزانة البريطانية عبر البريد الإلكتروني. وبين أيضا أن توصيات لجنة بازل تصدر على النطاق الدولي. ويتعين على السلطات الرقابية الأوروبية أن تحولها إلى ضوابط وليس التخفيف من أثرها» بأي شكل من الأشكال.


ثالثاً : 

في نهاية المطاف لم تعمل السلطات الرقابية على التخفيف من أثر تلك التوصيات لكن الوقت لم يكن حينها مناسبا للتوصية باستخدام الذهب ضربا من دعائم السيولة. كانت التقلبية تهز سوق السبائك وكان شهر سبتمبر 2011 حافلا بالتذبذبات السعرية، وسط تقلبات حادة في الاتجاهين. كانت كل التحولات الحاصلة تؤثر في سعر الذهب. ولم يكن سلوك الذهب يوحي بأي شكل أنه أصل يوفر ملاذا آمنا وقت الأزمات. كان سلوكه متوائما مع الواقع الذي آل إليه - أي كأحد المشتقات ) .

 

رابعاً :

كانت تلك الكينونة عرضة للاستهداف والهجوم، وقد شنت هذا الهجوم جهة ما. لم يكن سعر الذهب في منأى عن الخطر لأن التلاعب به كان أمرا سهلا. وقد أدرك تجار الذهب أن السيولة لجة تتفاوت أعماقها. إذ عندما تبدأ التداولات في سوق لندن، يكون ثمة الكثير من الذهب المتاح للتداول. وعندما يقفل السوق تكون الكمية المتاحة للتداول قد انخفضت ولبيع كمية كبيرة من الذهب بطريقة نظامية تحول دون التشويش على السعر، يجب أن تتم عملية البيع عندما يفتح ate السوق أبوابه للتداول. لكن ماذا لو كانت الغاية من عملية البيع إحداث أثر في Settin الشعر؟ عندئذ سيكون من المنطقي اختيار التوقيت الذي يكون فيه التداول ضعيفا.


خامساً : 

تراقب شركات التنقيب الكبرى الأسواق بأعين الصقور، لأنها تبيع ذهبها هناك. وهي تدرك إلى درجة معقولة عواقب التداول في فترات ضعف السوق (أو ما يعرف بالسوق الضيق) . فقد خلص قسم البحوث لدى شركة باريك جولد Barrick Gold)، على سبيل المثال، إلى أن طرح 100 ألف أوقية للبيع خلال ساعات عمل سوق لندن سيؤدي إلى خفض سعر الذهب بمقدار 4 دولارات. ولو بيعت الكمية نفسها (100) ألف أوقية عند إقفال سوق لندن لأدى ذلك إلى انخفاض السعر بما يتراوح بين 10 دولارات و 15 دولارا. وعندما طرحت نصف مليون أوقية، كأنها القنبلة يوم 7 سبتمبر 2011 في سوق لندن في فترة ضعف التداول، قبل ساعات العمل الرسمية، عندئذ لم يحدث شيء. لقد وقع الهجوم خلال فترة تصاعدت فيها التقلبية وفي شهر سبتمبر من العام 2011 الذي عصفت به الاضطرابات، ارتفع سعر الذهب وانخفض من دون أن يستقر عند مستوى يقبله السوق في هذا الوسط المتقلقل وفي السابع من سبتمبر في أثناء تداولات الظهيرة في شنغهاي، وقبل ساعات من افتتاح شريط الذهب Gold Plotter ذائع الصيت في سوق لندن، قامت جهة ما بطرح 500 ألف أوقية للبيع. وبذلك هبط سعر الذهب مثل غراب خر ميتا بطلقة نارية (18). وحامت الشكوك حول ليبيا (19) ، حينما كان نظام معمر القذافي يتداعى وسط ثورة دموية. لقد حذر محافظ سابق لمصرف ليبيا المركزي من أن احتياطيات ذهب البلاد كانت في يد الديكتاتور. وتبين لاحقا أن عملية بيع ذهب القذافي تمت وانتهت إذ تدبر القذافي بيع نحو ثلاثين طنا من السبائك في شهر أبريل الفائت، لقاء مبلغ مليار دولار - وفق التقارير الواردة - إلى تجار وفدوا إلى ليبيا لإبرام الصفقة. وقد ذكر تجار الذهب في المدينة القديمة بطرابلس، الواقعة so to بالقرب من مصرف ليبيا المركزي، أن النظام كان قد استهل عملية البيع بطرح كميات صغيرة من العملات النقدية عيار 22 قيراطا ثم زاد الكمية إلى سبائك بوزن ستة وعشرين رطلا لدفع مرتبات الجيش الليبي المنهار.


سادساً : 

لكن تلك الصفقة سبقت مبيعات شنغهاي بستة أشهر. لأتبين السبب الذي قد يكون وراء إقدام أحد باعة السبائك على اتخاذ إجراء مضر جدا بالسعر، تحدثت إلى جيم مافور Jim Mavor، وهو أحد الخبراء المخضرمين - على مدى 18 عاما - لدى شركة باريك Barrick في مجال تداول الذهب. وتبوأ مافور بعد ذلك منصب نائب الرئيس المالي الشركة ديتور جولد کوربوريشن Detour Gold Corporation. غير أننا لما تحدثنا كان لايزال يعمل مديرا ماليا لدى شركة باريك يقول: «حسنا، إن شخصا يحوز 500 ألف أوقية من الذهب بقيمة 900 مليون دولار [ آنذاك لا بد أن يكون شخصا عالما بخفايا الأمور. لذلك من الطبيعي أن نتساءل عن سبب تنفيذه عملية التداول التي لا ريب أنها ستدفع بسعر الذهب إلى الانخفاض. لقد هبط الذهب بمقدار 50 دولارا. ومحاولة لاستيعاب ما حصل من المفيد الخروج بتصور أساسه افتراض أن الشخص الذي تسبب في ذلك قد كسب المال بسبب ذلك». الأصل هذا السيناريو أو التصور برأي مافور سيكون على النحو الآتي: لنفرض أن بائع الذهب يمتلك أيضا نوعا من أنواع حقوق الاختيار الخيارات (*) Options) يعرف بحق اختيار البيع Put إن حامل (مالك) حق اختيار البيع له الحق ببيع محل العقد - أي الذهب في هذه الحالة - عند سعر محدد في العقد. لنفرض أن السعر كان 1800 دولار للأوقية. فإذا كان مالك حق الاختيار أيضا يمتلك السبائك الذهبية، إضافة إلى حق بيعها، فعندئذ يكون حق اختيار البيع بسعر 1800 دولار بمنزلة حد أدنى للخسائر المحتملة. ويعلم البائع أن بإمكانه دائما ممارسة حق اختيار البيع عند سعر 1800 دولار مهما انخفض سعر الذهب. لكن في السيناريو الذي تخيلناه، لم يتراجع سعر الذهب، بل ارتفع، ووصل إلى مستوى 1825 دولارا. وقد حقق مالك الذهب مكاسب من سبائكه، لكن حق ate اختيار البيع الذي يملكه بات عديم القيمة في الوقت نفسه. وليس ثمة قيمة لحق setm بيع الذهب مقابل 1800 دولار عندما يكون سعره السوقي 1850 دولارا. وبذلك، فإن حق اختيار البيع ينطوي على الخسارة لأن المالك دفع ثمنا مقابل شرائه. لن يسترد حق الاختيار الذي اشتراه قيمته إلا في حالة واحدة: أن ينخفض سعر الذهب. إذا قرر حامل حق الاختيار أن يدفع السعر باتجاه الانخفاض لإنعاش قيمة ما يملكه من حقوق الاختيار فإن الوقت الأنسب لذلك هو فترة فتور التداول التي تتميز بانخفاض السيولة والتي تسبق بدء التداولات في سوق لندن. إن العملية الحسابية الوحيدة اللازمة لتكون هجماته السعرية مجدية تتلخص في قدرة المتداول الافتراضي في الذهب الذي استخدمناه في مثالنا السابق على تحقيق ربح من بيع حقوق اختيار البيع في سوق يسوده الهلع، وبمستوى يتجاوز ما سيخسره من التراجع الذي يصيب قيمة سبائكه الذهبية. إننا نفرض أن لدى هذا المتداول القدرة على إجراء هذه العملية الحسابية.