كيبالي - الجزء الثالث

 

أولاً : 

على سبيل المثال، صورة صفقة أفضل من الصفقة التي كانت راند جولد تتدارس إجراءها في مثل هذه الحالة يرفع التقييد ويكون حملة الأسهم في حل من ويحق لهم اختيار العرض الأفضل. وهكذا كانت سيطرة راند جولد شرطية، بيد أنها حالت دون قبول مجلس إدارة موتو لعرض شركة ريد باك تلقائيا. وجهز بريستو عرض الشراء المقابل   في حين كان يجوب المناطق الشمالية في أفريقيا صعودا في رحلة بالدراجات النارية مدتها تسعة وأربعون يوما، انطلاقا من كيب تاون وصولا إلى القاهرة برفقة ابنيه وثلاثة من أصدقائه  . وقد ذكر جرانت بريستو Grant Bristow اصطحبنا معنا نظاما للاتصال الداخلي Intercom على كل الدراجات النارية وجهزت الخوذ لاستقبال المكالمات الهاتفية بصورة مستقلة بواسطة الأقمار الاصطناعية.


ثانياً : 

 لكن استخدام الاتصال الداخلي للتحدث إلى شخص من خارج هذه المجموعة كان يعطل تسلم أي مكالمة هاتفية واردة. هذا يعني أن التحدث لوالدي عبر هذا النظام كان متعذرا لفترات مطولة في أثناء إجرائه اتصالات هاتفية لمتابعة الأمور التجارية». بريستو لقد جهزت دراجاتهم النارية من طراز بي إم دبليو BMW بعد شرائها بمضاد الصدمات   لتكون صالحة للسير على الطرقات الوعرة جدا. وذكر جرانت أنه: في شمال كينيا كان قمة تلك الخطوط المتعرجة العريضة التي . خلفتها مواكب الشاحنات، وقد تعطل مضاد الصدمات في أربع دراجات». كان الخطر الماثل على الطريق أشد وطأة من المشقة الناجمة عن ذلك العطل : إذ يتربص قطاع الطرق في الأراضي السودانية بمواكب السيارات في تلك الرقعة من الطريق.


ثالثاً : 

مليون دولار على عرض ريد باك. ولما بلغ راكبو الدراجات أديس أبابا كان منجم كيبالي قد بات من نصيب رائد جولد. كان أباطرة المال الذين تتوافر بين أيديهم السيولة العالية أمرا شائعا في تلك الأيام. لقد بدا عليهم جميعا، كما بريستو، أن أجسامهم تنضح بأكسجين الرياضات الخطرة  . لقد تسلق لوكاس لاندين Lucas Lundin من شركة ريد باك Red   "Back ، وهو سليل عائلة سويدية تعمل في مجال التنقيب والنفط، عبر ذراعها الشركة المؤسسة لاندين بيتروليوم إي بي Lundin Petroleum AP- التي ضاهى أداؤها أداء أسهم شركة أبل Apple منقطع النظير من خلال زيادة قيمة السهم بمقدار خمسين ضعفا منذ طرحه للتداول في العام 2001، تسلق جبل كيليمانجارو Mountain Kilimanjaro وشارك في منافسات سباق باريس داكار للدراجات النارية، وكان من هواياته الانحدار أسفل حافات الجبال الكثيفة بالأشجار ملتمسا المتعة من رياضة التزلج المتهور. بعد زيارتي لكيبالي حضرت مؤتمرا للتنقيب في كيب تاون، وقد اكتظت قاعة المؤتمر بالحضور الذين راحوا يتجادلون بشأن المنجم الذي يستحق أن يوصف بمنجم القرن - كيبالي الذي يملكه بريستو أم تاسیاست التابع للاندين هذا على رغم أن ملكية لاندين حينذاك في تاسياست لم تتعد حيازة أسهم في شركة لا تخضع للسيطرة اللازمة. ذلك أنه باع موقع التنقيب الموريتاني مقابل حزمة أسهم في شركة يديرها أحد أباطرة المال البارزين )   كان تاي بيرت Tye Burt الذي اشترى منجم الذهب من لاندين مالك يخوت ورجل محاماة وأحد أرباب الصيرفة الاستثمارية، ويبلغ من العمر ثلاثة وخمسين عاما  . وكان مسؤولا في السابق عن إدارة شركة كينروس للذهب Kinross Gold Corp. وهي من شركات التنقيب عن الذهب مقرها تورنتو، وقد قفزت إلى المركز الخامس في ترتيب الشركات المنتجة للذهب في العالم بعد أن دفعت مبلغ 1.7 مليار دولار مقابل احتياطيات ذهب منجم لاندين التي كان يعتبرها غاية في الأهمية. كان بيرت يتحلى برباطة جأش لا تتزعزع. وكانت لديه ذائقة لروايات إرنست. هيمنجواي.


رابعاً : 

 وفي باريس كان يحب التردد على مقهى كافيه دو فلور Cafe de Flore إذ كان هيمنجواي من رواد ذلك المقهى الملازمين. لا بل إنه بالغ في ذلك، فكان يجري مع الثيران ثلاث مرات في مهرجان سان فیرمان San Fermin في بامبلونا Pampiona بإسبانيا، وهي شعيرة خلدها هيمنجواي في روايته وتشرق الشمس أيضا»  . وقد أخبرني بيرت أن «الثيران تركض مسافة ثلاثة كيلومترات. وتغلق الشوارع الجانبية أمام حركة السير وبذلك يصبح الطريق قناة مسدودة. وتزدحم الشوارع، ثم يقيمون الحواجز ويطلقون المدافع، وتندفع الثيران خارجا. ولا يستطيع أحد أن ييزهم في السباق - ذلك أنها تجري بسرعة فائقة وما عليك إلا أن تحاول تحاشيها. وإذا أردت أن تأتي بحركة جريئة، فيمكنك لطم ثور عابر بجريدة مطوية». مهما يكن فها أنت تجري مع الثيران. وهكذا عاقب السوق سهم شركة كينروس إذ اعتبر أن السعر الذي دفعه بيرت مبالغ فيه، وذلك مقابل توقعات إيجابية ربما لا تتحقق. وتوجهتُ بالقول إلى مارك بريستو: سمعت أن احتياطي الشركة يبلغ 20 مليون أوقية». فأجاب: «بالتأكيد، وغدا سيرتفع إلى 30 مليونا». وسرحت شركة كينروس بيرت من العمل في أغسطس 2012 بعد أن اضطرت إلى قبول شطب 3.1 مليار من قيمة موقع التنقيب الموريتاني، بعد شرائه بسنتين ***   في الكونغو لا تتحقق العدالة في توزيع منافع ارتفاع سعر الذهب. ثم طريق سريع في كيبالي يمتد عشرة كيلومترات مخترقا الأدغال، واليوم يربط هذا الطريق الإقليم بالعالم الخارجي. وتجلب عبره السلع الرخيصة وتوظف شركة راند جولد السكان المحليين وتسهم في نمو الأعمال الصغيرة، وقد أنشأت أخيرا بلدة صغيرة وبنت فيها كنيسة ومدرسة ومستوصفا. وتتزايد أعداد الدراجات النارية الصينية بمعدلات كبيرة، وتقرقر سبائك الذهب خارجة من جوف المنجم سعيا وراء العائد الاستثماري. وتؤمن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنطقة. تتكون هذه القوة من عسكريين جاءوا من دول حصلت على التعويض.


خامساً : 

المادي مقابل نشرهم هناك  . . وهم بذلك مجرد حراس أمن مأجورين ينصب عملهم على حماية حقوق التنقيب. وإذا كان هذا الترتيب مثارا للسخرية فيمكن التفكير في البدائل الأخرى المتاحة. ثمة آلة للقتل تشق طريقها عبر الكونغو، سعيا وراء الذهب. وهي تتقاضى مكوسا جائرة من عشرات الآلاف من المنقبين المهنيين. إذ يطلب الجنود الذين لا تدفع لهم الحكومة أجرا في الأغلب الحصول على نسبة من إنتاج الذهب. ويستخدم الجنود أحيانا عصابات من الشبان هدفها ترويع عمال التنقيب. وقد ذكرت صاحبة متجر صغير بالقرب من موقع التنقيب عن الذهب لفريق من الباحثين أن الأمر سيان بالنسبة إلى السكان سواء أكان الموقع تحت سيطرة الميليشيات أم القوات الحكومية. إنهم ينهبون ويغتصبون ويقتلون وهم يأخذون المال منا عنوة. إننا لا ننعم بالسلام أيا كانت الجهة المسيطرة على المنطقة». وتحاشيا لابتزاز المسؤولين يلجأ المنقبون إلى بيع الذهب عبر قنوات التجارة غير القانونية، التي يفوق حجمها التجارة القانونية بأضعاف كثيرة. وتقدر قيمة الذهب المهرب من الكونغو سنويا بأربعمائة مليون دولار في مدة ستة أشهر فقط من العام 2012، حينما كانت صادرات المنطقة الشرقية في الكونغو المسجلة رسميا ثلاثة وعشرين كيلوغراما من الذهب، بلغ الرقم الفعلي أربعة أطنان مترية. ومع رواج التجارة غير القانونية بات الذهب مصدر الدخل الرئيس لعصابات القتل في شرقي الكونغو. ولأن قانون دود - فرانك ) Dodd-Frank Act الصادر في الولايات المتحدة يقضي بإلزام الشركات ببيان مصدر مشترياتها من المعادن والذي ربما يكون مناطق النزاعات في أفريقيا الوسطى، فإن من الصعب على الميليشيات   بيع المعادن من قبيل القصدير أو التنغستين لكن يسهل عليها بيع الذهب 2 وقدرت إحدى منظمات حقوق الإنسان أن ذهبا بقيمة 30 ألف دولار يمكن حمله في الجيب، وأن كمية تبلغ قيمتها 700 ألف دولار يمكن حملها في حقيبة). وفي شرقي الكونغو تلوح من جديد بوادر عودة اندلاع حرب كانت قد قضت على ثلاثة ملايين نسمة، هذه الحرب تغذيها الأحقاد العرقية، وكذلك الذهب )