جولد سترايك - الجزء الخامس

 

أولاً : 

الكومة الكبيرة ذات الحجم النظامي إلى 160 فدانا ويرش محلول السيانيد على الكومة عبر شبكة من الخراطيم المثقبة. وهكذا يرشح السيانيد من خلال الفئز المهشم، فيحرر الذهب ويحمله في المحلول إلى الأسفل باتجاه الصفيحة اللدنة المستخدمة في التجميع. ويفرغ المحلول الحامل للذهب في أحواض التجميع، ثم يضخ السائل عبر الكربون لانتزاع الذهب لقد واجهت شركة باريك، في منجم جولد سترايك، تحديا من نوع خاص فكتلة الفلز الجديد تتكون من فلز الكبريتيد (السلفيد) Sulfide Ore، وهو لا يتأثر بعملية المعالجة بالسيانيد وكما تحاط الشوكولا في «إم آند إم» M&M بقشرة صلبة يكون الذهب أيضا محاطا بقشرة صلبة. ولا يمكن للسيانيد اختراق قشرة صخر الكبريتيد. وثمة طريقتان للتغلب على هذه المشكلة.

ثانياً : 

 أن يحرق الكبريتيد في المعقام Autoclave) ، أو أن تستخدم بكتيريا متخصصة لالتهامه. تعيش هذه البكتيريا في الطبيعة في أماكن مثل الينابيع الحارة بحديقة يلوستون الوطنية Yelowstone National Park حيث تتغذى على الكبريت منذ آلاف السنين. ويثير المنقبون على الذهب شهية البكتيريا من خلال مزج مركز الذهب بالمواد المغذية. يذهب هذا المزيج إلى الحاويات حيث تتغذى البكتيريا على طبقة الكبريتيد، وتحرر الذهب. قد تبدو هذه العملية «ذات أثر بيئي حميد» لكن البكتيريا تصدر الحرارة التي ينبغي التخلص منها عن طريق التبريد عالي التكلفة. كما أن أجهزة المعقام باهظة التكلفة أيضا، سواء من حيث تركيبها أو تشغيلها، غير أن شركة باريك علمت بذلك مسبقا. وقد ضمت قطعة الأرض التي يقع منجم ميركر داخلها أيضا جيوب رواسب الكبريتيد . يقول هيل: «لقد استفدنا كثيرا من استخدام أجهزة المعقام». لم يستطع مانك أن يقاوم احتمالات اكتشاف الفلز في مستويات عميقة في جولد سترايك، على الرغم من النفقات الإضافية التي ستترتب على ذلك. للوهلة الأولى، كانت المصارف التي قصدها مانك طلبا للاقتراض مترددة. فقد أثار المصرفيون السؤال التالي: إذا كان منجم جولد سترايك شاسع المساحة، فلماذا لم تتقدم نيومونت لشرائه؟ بوجود المناجم المحيطة بجولد سترايك كانت شركة نیومونت عالمة بطبيعة الأرض بلا ريب واستطاع مانك أن يكسب المصرف إلى جانبه، لكنه واجه تهديدا آخر أمام إتمام الصفقة سرعة الغلاق نافذة المناورة التكتيكية. زيد عمق الحفرة التي أحدثتها الحفارة في الجيب العميق في أكتوبر. وفي نهاية ذلك العام 1986، كانت الإعفاءات الضريبية على الأرباح الرأسمالية التي تعتبر عاملا مهما لحسابات شركة باريك، على وشك أن ترفع.


ثالثاً : 

 انكب محامو الجانبين في دينفر، على العمل حتى في أيام العطلة، وكان نصب أعينهم الموعد النهائي المضروب واكتفوا بعطلة واحدة فقط: عيد الميلاد الكريسماس). وفي 26 ديسمبر عادوا إلى عملهم. وفي آخر لحظات المهلة يوم 31 ديسمبر، وعلى حد تعبير أحد المشاركين وأعني بدقائق معدودة قبل حلول منتصف الليل»، أدرك المحامون أن منجم جولد سترايك لم يشكل مجلس إدارته وفقا للأصول المرعية. وتعذر على فريق الإدارة الحالي تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بصورة قانونية وكان المبلغ الذي عرضته شركة باريك وقدره 10 ملايين دولار لإبرام الصفقة لايزال على الطاولة في حالة انتظار. وباقتراب عقرب دقائق الساعة من بلوغ الثانية عشرة قدم محامو جولد سترايك لشركة باريك تأكيدا شفهيا بالموافقة السريعة فور تشكيلهم مجلس الإدارة وانتقل الشيك عبر الطاولة، وحصلت شركة باريك على منجم جولد سترايك. من الصعب اليوم تخيل تلك القطعة من الأرض التي كانت فريسة التردد والتي تناقلت ملكيتها الأيدي في تلك الليلة. لقد مضيت في أحد الأيام لمعاينتها بصحبة دين هيت Dean Heitt قدنا سيارتنا صعودا في طريق ضيق على طول نهر شيب كريك Sheep Creek ناظرين إناء السدود الحجرية التي يبلغ عمرها مائة عام، والتي أنشأها المنقبون الأوائل. وتناثرت الأزهار الصفراء على سفح الهضبة. ومضينا عبر سرب (حفير) أفقي مهجور وخرجنا أعلى التلة القائمة في سلسلة جبال تاسكارورا على ارتفاع سبعة آلاف قدم وهناك وتحت قبة السماء الزرقاء الصافية امتدت لوحة بانورامية للمناجم القائمة هناك - ذا بيت the Pete وكارلين Carlin و نورث لانترن North Lantern و بیست Beast وجينيسيس Genesis وجولد سترايك Goldstrike وبوتستراب Bootstrap - كانت تلك الرقعة من السفوح الجبلية ذات القمم المشرئبة تنتج 8 ملايين أوقية من الذهب سنويا. وتشكلت أعلى الحفر تلال صناعية مفلطحة من المخلفات، وأميال من أكوام نفايات الترشيح. لقد انكشفت الطبقة الأرضية العليا، وكانت بلون المغرة الصفراء واللون الأحمر عن التربة السوداء الغنية بالفلز أسفلها. وتحلقت عربات المنجم المحملة بالفلز الغضاري في طريقها خارج حفرة منجم جولد سترايك.

رابعاً : 

 لقد دفع مانك 62 مليون دولار لشراء جولد سترايك وحصل على مكتب الكو Elko الذي كانت تغطيه شبكات العنكبوت، وكانت شاحناته من دون أبواب، وقد أرهقته مشكلات الإنتاج وبأخذ تكاليف الاستخراج، مثل إنشاءات المعقام بعين الاعتبار، يمكن القول إن شركة باريك دفعت 300 دولار الأوقية الذهب الذي كان يباع آنذاك بما دون 400 دولار للأوقية. ووفقا لواضع تاريخ شركة باريك، راحت نیومونت تراقب بشك حذر» توافد القادمين الجدد من شركة باريك. كان الطريق الوحيد إلى جولد سترايك يمر بأرض تملكها نيومونت. وقد أطلق عليه العاملون لدى شركة باريك ممر هوتشي مين» على اسم طريق التوريد الحربي الذي استخدمته فيتنام الشمالية. لكن المالكين الجدد لجولد سترايك كانوا على عجلة من أمرهم. كان لديهم ميزانية للتنقيب قدرها مليون دولار، وقناعة راسخة. يقول هيل: «كان لدى المالكين السابقين إحدى أفضل حفر التنقيب على الإطلاق، لكنهم عدموا المال أو المعرفة الفنية أو الحاجة إلى معاينة فلز الكبريتيد. أما نحن فكنا مستعدين لكل شيء كنا متعطشين للعمل». وبعد الانتقال إلى قطعة الأرض بثلاثة أشهر، أحدثت شركة باريك حفرة مع 600 قدم من الفلز عالي التركيز عالي الجودة). كان الفلز يحوي 0.36 أوقية من الذهب في الطن الواحد - وهذه نتيجة رائعة، وقد تحققوا منها مرتين كانت الحفرة التالية أفضل حالا، وكان الذهب المستخرج من حفرة أخرى عمقها 450 قدما عالي التركيز بمعدل 1.089 أوقية للطن.

خامساً : 

 يقول هيل: «استنتجنا وجود حالات تباين واسعة مباشرة عبر كتلة الفلز». لقد قاموا بالحفر باتجاه الغرب ووجدوا امتدادا لحالة التباين المذكورة. وشرعوا يحدثون حفرا متقاربة لكي يستدركوا ما فاتهم من الإحاطة بحجم الكتلة المستهدفة ودرجة تركيز الفلز فيها. كانوا يصيبون فلزا حيثما وجهوا الحفارة. وفي واحد من أكثر الفصول إثارة في سجل الاكتشافات المعاصرة، كان جيولوجيو شركة باريك يستخرجون مليون أوقية من الذهب شهريا. وبعد ستة عشر شهرا من منتصف الليلة التي شهدت توقيع الاتفاقية في دينفر، ارتفعت احتياطيات جولد سترايك من 600 ألف أوقية إلى 15 مليون أوقية ومع هذه الثروة الهائلة برز تحد جديد وملح: توفير اليد العاملة للمنجم، وإيجاد قرية لسكن العمال.